الشخصية النرجسية؟
الشخصية النرجسية..كيف تميزها من حولك؟
بعض الناس من حولك هو اضطراب الشخصية النرجسية. وقد وسع انتشار هذا المصطلح العلمي في وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح يتراشق به الكثيرون دون فهم معناه فهمًا صحيحًا. سنتعرف معًا اليوم عن كل ما يخص هذا المرض النفسي وما هي الصفات التي يجب أن تتوافر في الشخص حتى نطلق عليه لقب ” الشخصية النرجسية
لماذا سميت الشخصية النرجسية بهذا الاسم؟
للاسم قصة عند الإغريق، حيث كان هناك شخصية رومانية قديمة تدعى “نرسيس” في الأساطير اليونانية، كان نرسيس معروف بحبه لنفسه ومظهره وجمال وجهه، فكان دائمًا يطيل الوقوف أمام البحيرة لتأمل وجهه في المياه لفترات طويلة، وينعزل تمامًا عن الإختلاط بالآخرين حتى سقط في المياه في احدى المرات من كثرة الوقوف أمام البحيرة طوال النهار، ونمت مكان سقوطه زهرة سميت “نرجس” من الاسم نرسيس. ومن هنا أصبح يطلق لقب نرجسي على كل شخص مختل بمظهره ويمتنع عن الإختلاط بالآخرين بدافع التكبر.
ماهي الشخصية النرجسية:
مرض اضطراب الشخصية النرجسية Narcissistic personality disorder،
هو مرض نفسي يتصف صاحبه باعتقاد تفوقه على غيره من أقرانه في الشكل والمظهر والعقلية. وتدفعه هذه العقلية أحيانًا إلى الإنعزالية أو احتقار الأخرين في كثير من الأحيان. كان من أوائل من قام بوصف المرض وتحديد أعراضه هو العالم سيجموند فرويد، حيث ذكره في كتبه بكونه أحد درجات حب وتقدير الذات المفرطة والنابعة من صورة ذاتية معتلة لدى المريض.
يكون اضطراب الشخصية النرجسية في معظم الأوقات متداخل مع العديد من الاعتلالات النفسية الأخرى لدى المريض، مما يجعل علاجه عملية صعبة وتتطلب رحلة طويلة من العلاج السلوكي المعرفي.
كيف يمكنني أن أميز مريض اضطراب الشخصية النرجسية؟
للشخصية النرجسية علامات خاصة تمييز صاحبها عن الآخرين ممن فقط يعتدون بأنفسهم وعلى درجة أقل من الغرور. هذه العلامات يسهل تمييزها إذا لاحظت الشخصية عن قرب وراقبت دوافعها.
علامات يجب أن تراها في كل شخصية نرجسية:
– الشعور بعلو الذات عن الأخرين.*
أهم ما يجعل الشخصية نرجسية هو إحساسها الشديد بتفوقها وتفردها عن الأخرين، فالمريض يتكون لديه وعي ذاتي خاطئ عن نفسه misperception يجعل تصرفاته على قدر كبير من التكبر، الانعزالية وتهميش الغير
صعوبة الإحساس بالشفقة والتعاطف .*
لا يوجد نضوج العاطفي لدى الشخصية النرجسية، هو غير قادر على التعاطف معك احتقارًا لضعفك أحيانًا وعدم فهم لمشاعرك دائمًا. فالمشاعر تمثل نقطة ضعف كبيرة لدى المرضى النفسيين عامة ولدى الشخصية النرجسية بالأخص
دائمًا ما يتمتع بعلاقات سطحية وغير جادة.*
كما سبق الذكر، الشخصية النرجسية شخصية تخلو من المشاعر، لذلك علاقتها دائمًا تكون قائمة على المظاهر الخارجية، المصلحة أو التباهي. فقدرته العاطفية لا تؤهله للدخول في أي علاقة جادة قائمة على المشاعر المتبادلة والاهتمام بالطرف الأخر كما يجب. وهو ما يدفع المريض في النهاية إلى الانعزال والعزوف عن الاختلاط بالآخرين.
الشخصية النرجسية في العموم لا يمكنك الاعتماد عليها في العلاقات أو الحصول على الدعم والتقدير اللازمان لإنجاح أي علاقة.
شخصية صلبة ونفسية هشة.*
يخفي الأسلوب الحاد والتعامل بغرور لدى النرجسي هشاشة نفسية كبيرة تحت كل ذلك، فالشخصية النرجسية تنبع غالبًا من عقد نفسية واضطرابات يرجع أصلها للطفولة، فتكون بذلك كوسيلة دفاعية للشخص للتعامل مع مشاكله الخاصة، فهو قد اعتاد تجنب مواجهة مشاعره وآلامه بتلك الطريقة
لذلك فإن أي تغيير يطرئ في حياته الدراسية، العاطفية أو المهنية يكون من الصعب مواجهته والتعامل معه مهما حاول إظهار عكس ذلك.
لا يختلط إلا بأقرانه من الأذكياء.*
الشخصية النرجسية ترى أنه لا ينبغي عليها الإختلاط بمن هم أقل ذكاءًا منها أو ليسوا على نفس الدرجة من الذكاء. فهم يعتقدون أن هؤلاء الأشخاص لا يصلحوا لإجراء حديث يتمتع بالقدر الكافي من الأهمية بالنسبة لهم
يعتقدون أن النجاح سهل ومضمون بالنسبة لهم.*
بما أن الشخص النرجسي لديه اعتقاد بعبقريته الفذة وعقليته التي تختلف عن الأخرين، فهو أيضًا يشعر أن النجاح يأتي سهلًا بالنسبة له على عكس غيره الذين يجب أن يبذلوا المجهود الكافي ليصلوا إلى ما قد يصل إليه فهم يعطون لإنجازاتهم أهمية وإحساس بالنجاح أكبر من اللازم لكي يدعموا من هذه النظرية
يجب أن يكون محط الاهتمام دائمًا.*
النرجسي يحب لفت أنظار الأخرين اتجاهه بكل الطرق، فكونه محور الحديث أو الاهتمام يغذي من شعوره بالعلو والاعتداد بالنفس ويزيد من ثقته الزائفة بنفسه. وذلك بالطبع يكون منفرًا للأشخاص من حوله وجارحًا بشكل كبير للأصدقاء وشركاء الحياة
يميل إلى المثالية والاهتمام بأدق التفاصيل.*
قد يكون الشخص النرجسي عبقريًا بالفعل، وذلك يدفعه إلى محاولة الوصول للكمال في جميع تصرفاته وخاصة على المستوى المهني. فالكثير ما نسمع عن المخترعين والمشاهير من أصحاب الشركات الكبرى الذين يولوا عملهم جل اهتمامهم في الحياة، فعملهم هو محط الأنظار الذي من خلاله يستمدون ثقتهم بالنفس
يرغب في التحكم في كل ما جري من حوله.*
نزعة الكمال التي تمتلكها الشخصية النرجسية تدفعها باستمرار لمحاولة التحكم بمجريات الأمور وتطويع الأشخاص من حولها لخدمة مصالحهم الشخصية. فهم لا يميزون حدود التعامل مع الأخرين عندما يتعلق الأمر بالعمل
يخافون من الرفض.*
صدق أو لا تصدق لكن الشخصية النرجسية تخاف كثيرًا من الشعور بالرفض عندما يكشفون عن رغبتهم في الارتباط العاطفي، لذلك تتميز لهجتهم دائمًا بالصلادة واللامبالاة عند الحديث عن مشاعرهم مع الطرف الآخر
لماذا قد يصبح الشخص نرجسيًا؟
لتطور أي مرض نفسي توجد أسباب عديدة، أهمها النشأة والجينات. عند امتلاك أي شخص طفولة قاسية أو غير طبيعية يكون عرضة أكثر للمرض النفسي. فالشخص الذي مر بتجارب مؤلمة مع والدين مهملين أو غير متزنين نفسيين يكتسب شخصيته في جو من التوتر والطاقة السلبية يؤثر حتمًا في احتمالية حدوثه على شخصية طبيعية. لذلك في كثير من الأحيان قد يقابل الإهمال من الوالدين بالشعورالزائد بالاعتداد بالنفس لعدم تلقي الدعم الكافي من الخارج
لا يوجد جين مميز اكتشف بعد للشخصية النرجسية كأمراض أخرى كالفصام والضطراب ثنائي القطب، ولكن الجينات التي قد تسبب المرض هنا جسدية وليست نفسية. فقد يكون سبب كون الشخص نرجسي امتلاكه ملامح جمالية مميزة أو جسد قوي أو عبقرية خاصة تجعله يشعر أنه أفضل من الجميع ولا ينبغي على الأخرين مساواته مع أقرانه
والأشخاص المشهورين بشكل عام – خاصة مع انتشار وسائل التواصل الإجتماعي التي يمكنك من خلالها قياس مدى إعجاب الأخرين بك- قد يتولد لديهم ذلك الإحساس بالأفضلية والتفرد سريعًا ويصبحوا أشخاص نرجسيين بدرجات مختلفة
تبعات الشخصية النرجسية:
:على النفس
الشخصية النرجسية دون أن تشعر تسوء صحتها النفسية باستمرار ويتولد لديها الكثير من المشاكل الحياتية والاجتماعية التي قد يعير لها الشخص اهتمام في المراحل الأولى من تطور المرض وتدفعه للبحث عن العلاج. ومن ضمن هذه المشاكل
.الإحساس الدائم بالفراغ والعدمية النابعين من كونه لا يستطيع أن يجد من يفهمه..*
.الشعور بالملل الدائم في كل نشاطاته الاجتماعية وعدم قدرته على الاستمتاع عند الاختلاط مع الآخرين..*
.الاكتئاب والعزلة..*
.تمنعه شخصيته الجافة من الحصول على علاقات إنسانية سوية تشبع احتياجه..*
.قد يصاحب اضطراب الشخصية النرجسية تولد ميول إدمانية تجاه الكحول، المخدرات أو
يادة الوعي لدى العالم العربي بالأمراض النفسية في الآونة الأخيرة، أصبحنا ندرك أكثر مدى خطورة الاضطرابات النفسية وتأثيرها على أنفسنا وعلى الآخرين. أحد أهم هذه الاضطرابات التي قد تميزها في بعض الناس من حولك هو اضطراب الشخصية النرجسية. وقد وسع انتشار هذا المصطلح العلمي في وسائل التواصل الاجتماعي وأصبح يتراشق به الكثيرون دون فهم معناه فهمًا صحيحًا. سنتعرف معًا اليوم عن كل ما يخص هذا المرض النفسي وما هي الصفات التي يجب أن تتوافر في الشخص حتى نطلق عليه لقب ” الشخصية النرجسية”
كيفية التعامل مع الشخصية النرجسية :
ليس بإمكانك القيام بالكثير فيما يتعلق بالشخصية النرجسية، فأفكارها الذاتية عن نفسها والآخرين غالبًا ما تكون شديدة التأصل للدرجة التي يصعب معها النقاش بالمنطق. لذلك فإن أفضل ما يمكنك القيام به هو نصح الشخص بزيارة طبيب نفسي يمتلك الخبرة الكافية للتعامل مع المرض
كيفية علاج الشخصية النرجسية:
:أهم ما يقوم به الطبيب من خلال رحلة العلاج النفسي هو التحدث مع المريض ومساعدته على فهم طبيعة المرض وكيف يمكنه التغلب عليه من خلال عدة أمور أهمها
فهم الأسباب والتداعيات التي أدت إلى تكون المرض لديه وتطور شخصيته بتلك الطريقة، فمعرفة السبب هي أول خطوة في طريق العلاج..*
إزالة الصور الخاطئة عن النفس والتي تكونت على مدار سنين من استخدام التعالي والانعزالية كوسيلة للتعايش وتخطي المشكلات.*
تعليم المريض كيفية التواصل مع نفسه بشكل أعمق وفهم مشاعر الغضب الحزن، التوتر، الضيق والملل التي قد تدفعه إلى التصرف بطريقة خاطئة مع الآخرين..*
تكوين صورة أكثر وضوحًا عن النفس، مميزاتها وعيوبها والتخلي عن التصور القديم فيما يتعلق بخلوها من العيوب والاختلالات وأن جميعنا لدينا نقاط ضعف ينبغي علينا احترامها وتعلم كيفية التعامل معها.
ممارسة الشفقة والقدرة على التعاطف مع الآخرين..*
التخلي عن الرغبة بإتمام كل شئ على أكمل وجه وإدراك حقيقة أن بعض الأمور قد تخرج عن سيطرتك في النهاية..*
التخلي عن الأهداف الوهمية والتصورات المبالغ فيها عما يمكنك إنجازه..*
البدء بمحاولة تكوين علاقات اجتماعية صحية قائمة على الاحترام والاهتمام المتبادل..*
التحدث مع العائلة حول المرض وطلب المساعدة من الأشخاص المقربين حتى يمكنك تخطيه..*
الإلتزام بخطة العلاج وتعليمات الطبيب بشكل كامل والصبر خلال رحلة العلاج الطويلة حى تؤتي بثمارها في النهاية..*
- تتطلب رحلة العلاج صبرًا ومجهودًا كبير من المريض والأشخاص من حوله خصوصًا في البداية، بعملية هدم المعتقدات والتصورات الباطلة لدى الشخصية النرجسية وبناء صورة حقيقية عن نفسه وعن الحياة عملية صعبة جدًا وتحدث ارتباكًا وخوفًا شديدًا لدى المريض. فالأمر أشبه بانسلاخه عن ذاته التي تعايش معها طوال حياته والكشف عن نفسه الحقيقية وراءها
نهاية الشخصية النرجسية:
لا يوجد نهاية محددة أو علاج يمكنه الحد من هذا المرض ولكن ما يصاحبه من أعراض أخرى كالقلق، الاكتئاب والتوتر يمكن معالجته من خلال بعض العقاقير التي يصفها الطبيب
في النهاية، المرض النفسي بشكل عام من أكثر الأمور الصعبة التي نعاني منها يوميًا، سواءً بشكل مباشر من خلال تعاملنا مع أنفسنا كل يوم أو غير مباشر من خلال ممارسات الأخرين السلبية اتجاهنا. واضطراب الشخصية النرجسية هو من أكثر الأمراض شيوعًا لدى مجتمعاتنا العربية والتي ينبغي علينا إبداء اهتمامًا أكبر تجاه كشفه والسعي لعلاجه.
وفي النهاية ، في حالة رغبتك في معرفة المزيد عن أي اضطرابات نفسية أخرى ،يمكنك زيارة مستشفى الصحة النفسية قطر