ما وراء الاحتراق الوظيفي
ما وراء الاحتراق الوظيفي
مؤخرا أصبحنا نسمع كثيرًا عن مصطلح الاحتراق الوظيفي والشعور بالقلق والتوتر المستمر إزاءه العمل خاصة في عالمنا العربي. فالبعض منا يشعر بعدم التقدير مدى المجهود المبذول في العمل والبعض الآخر يفقد الحافز المشجع على الاستمرار في وظيفته وتحقيق الإبداع. وفي كلتا الحالتين نشعر بانعدام التوازن بين العمل وحياتنا الاجتماعية وهو ما يعرف في علم النفس بالاحتراق الوظيفي
ما هو الاحتراق الوظيفي:
الاحتراق الوظيفي هو حالة مستمرة من الضغط النفسي والقلق جراء متطلبات العمل الجسدية والاجتماعية تدفع الشخص إلى بذل مجهود زائد يؤثر تأثيرا سلبيا على صحته النفسية والجسدية أو -على العكس- يؤدي إلى التراجع في الأداء الوظيفي وفقدان الحافز لا يعتبر العلماء الاحتراق الوظيفي تشخيصًا أو مرضا نفسيا بحد ذاته، ولكنه قد يكون عرض لأمراض أخرى على رأسها الاكتئاب أو القلق المزمن أهم الأعراض التي قد تشير إلى الإصابة بالاحتراق الوظيفي.
:للاحتراق الوظيفي مؤشرات أولية وعلامات ملحوظة توضح بشدة مدى تأثير العمل السلبي على الموظفين، من أهم هذه العلامات
-انعدام التوازن بين الحياة العملية والشخصية مما يدفع الشخص لمزيد من القلق والتوتر
-الشعور بالملل وفقدان الشغف تجاه متطلبات العمل اليومية
-السعي المستمر لإثبات الجدارة والاستحقاق لدى مرؤسيك
-تجاهل متطلباتك الشخصية وقصر الوقت المخصص للاهتمام بالنفس
-تجاهل المشاكل الواضحة للشخص حيال العمل
-الجدل المتكرر مع الزملاء في العمل أو الرؤساء حيال التفاصيل العملية
-تغيرات ملحوظة في السلوك
-القلق والتوتر المستمرين
-الشعور بالعدمية والفراغ الداخلي
:أنواع الاحتراق الوظيفي الذي قد نتعرض له
لا يقتصر تعريف الاحتراق الوظيفي فقط على ضغط رئيسك ومتطلباته الكثيرة أو تعديلاته غير المبررة وساعات العمل الزائدة كما هو المعنى المتعارف عليه، بل يشمل صور أخرى قد لا نلتفت إليها كثيرا
الاحتراق الذاتي جراء فقدان الشغف lack of motivation burn out
لا يحتاج الشخص أن يمتلك عملًا ذا راتب جيد فقط، بل ينبغي أيضًا أن يوفر له الشعور بالتحفيز والحماس الازمين حيال أمر ذا أهمية حقيقية بالنسبة له، ويجعله يشعر بدوره الفعال في المجتمع وأن مجهوده ذا تأثير ملموس على مستوى الجماعة كما هو على مستوى الفرد
وفقدان الشخص لمثل ذلك الحافز في عمله، يجعله يشعر بالملل وأن وقته مهدور دون جدوى مما يعمق لديه شعورًا بعدم الرضا والاكتئاب
الاحتراق الوظيفي نتيجة لعدم التقدير neglected burnout
لا شك أن عدم تقدير الآخرين مجهوداتنا يثير فينا شعورا بالحزن وعدم الأهمية، وقد يدفعنا إلى بذل المزيد والمزيد من المجهود دون جدوى. وهذا النوع من بيئة العمل يقلل بشكل كبير من ثقتنا بأنفسنا و جدارتنا لدى الآخرين، وهو ما يعد هو أهم أسباب الشعور بالاختراق الوظيفي
الاحتراق الوظيفي جراء ضغط العمل
وهو الصورة النمطية عن الاحتراق الوظيفي وقد تحدث لدى جميع الأشخاص سواء كانوا راضين ومحبين لعملهم أو لا، فقد ينغمس الشخص في متطلبات وأهداف العمل متجاهلًا أو ناسيًا تماما متطلباته الشخصية ومتطلبات عائلته وأصدقائه من حوله
كيف يؤثر الإحتراق الوظيفي علينا؟
القلق والتوتر الناتجان عن الاحتراق الوظيفي يؤديان شيئًا فشيئًأ إلى انخفاض جودة حياتك مما يجعلك شخصًا تعيسًا في النهاية، وذلك نتيجة للتأثير الشديد على الصحة النفسية والعقلية. فالشخص المصاب بالاحتراق الوظيفي يعاني من
انعدام التركيز وتشتت الانتباه.*
الشعور بالتعب والإرهاق على الدوام.*
الميل إلى الأكل، التدخين أو تعاطي الكحول للتفريغ عن المشاعر السلبية الكامنة.*
عدم الاستمتاع بالنشاطات المختلفة خارج العمل.*
الميل إلى التفكير بطريقة سلبية وامتلاك أسلوب ساخر أو متهكم حيال كل شئ.*
تغيير عادات الطعام والنوم إلى الأسوء.*
المعاناة من نوبات الصداع وآلالام الظهر والعضلات.*
ضعف الذاكرة الملحوظ.*
فقدان النشاط والحيوية.*
قد يتطور تأثير الاحتراق الوظيفي إلى مضاعفات خطيرة كالإغماء والنوبات القلبية إذا ما تم تجاهل الأعراض السابقة.*
أهم الوظائف التي يعاني أصحابها من الاحتراق الذاتي
تمتلك وظائف القطاع الصحي كالأطباء والممرضين النصيب الأكبر من معدلات الاحتراق الوظيفي؛ كونها ترتبط بشكل كبير بمصائر الناس وحياتهم، ففي العام 2021 عانى 41% من الأطباء من ظاهرة الاحتراق الوظيفي، كما أقر 96% من الأطباء أن الشعور بالضفط النفسي جراء العمل من أهم المشاكل التي تواجههم بشكل مستمر
يأتي في المرتبة الثانية أصحاب المراكز العليا في الشركات الكبرى والمناصب الهامة في الحكومات، فضلًا عن موظفي سوق الأسهم والعاملين في قطاع البورصة
بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الوظائف الأخرى التي يعاني أصحابها من القلق والتوتر المستمرين، كالمهندسين وموظفي الخدمات الإجتماعية، السائقين، العاملين بمطاعم الوجبات السريعة، مندوبي المبيعات، العقارات، المحامين وغير ذلك
كيف يمكنك اختيار الوظيفة المثلى لك ؟
لتجنب الوصول إلى مرحلة الاحتراق الوظيفي والتورط في وظيفة تشكل عبئا كبيرا عليك بدلًا من أن تكون مصدرا لامتلاك الشغف في الحياة والشعور بالإنجاز، عليك أن تختار بعناية الوظيفة التي تناسب شخصيتك، أهدافك وظروف معيشتك
وللقيام بذلك هناك بعض الامور التي يجب مراعتها قبل التقدم لأي وظيفة
– تأكد من أن لديك صورة واضحة وصحيحة عن شخصيتك وقدراتك العامة لتحديد طبيعة الوظيفة الأنسب لك. قد يساعدك على القيام بذلك الخضوع لبعض اختبارات الشخصية المقدمة من خبراء الموارد البشرية واختبارات تحديد الوظيفة
– خذ في الاعتبار قبل التقدم إلى وظيفة ما ظروفك المادية والاسرية ولا تختار الوظيفة فقط بناء على الشغف او المقابل المادي، بل وازن بين مميزات وعيوب العمل وقرر فقط بناءًا على الأفضل لصحتك النفسية والجسدية
تجنب قدر المستطاع اختيار مكان العمل بعيدًا عن الأهل والأصدقاء، فالشعور بالوحدة وضعف الصلة بأشخاصك المقربين، من أهم عوامل الاكتئاب وتعميق الشعور بالجوانب السلبية للعمل
احرص على أن تكون بيئتك في العمل صحية وغير قائمة على التنافسية المرهقة، بل اسعى أن تكون دائرة المقربين منك مريحة ولا تكثر فيها المشاحنات والمناوشات الكلامية المجهدة
هنالك عوامل أخرى أيضًا؛ كتنظيم الوقت والحرص على امتلاك روتين ثابت نسبيًا توازن فيه بين حياتك المهنية والشخصية يساهم بشكل كبير في زيادة مستوى رضاك وسعادتك في العمل وتحسين إنتاجيتك
التعامل مع الاحتراق الوظيفي
إذا لم تستطع الحصول على وظيفة أخرى مناسبة أو كنت تحب عملك رغم القلق والتوتر اللذان تشعر بهما باستمرار، فهناك بعض الأمور التي قد تقوم بها وتخفف من الأضرار النفسية جراء وظيفتك
لا تستمد الرضا الداخلي من مستواك في العمل..*
كون صورة كاملة عن حقوقك في وحدودًا لواجباتك تجاه وظيفتك واحرص على عدم تخطي تلك الحدود..*
حافظ على صحتك واجعل لها الأولوية في حياتك..*
تجاوز سريعًا ولا تأخذ كل الأمور على محمل الجد..*
احرص على أن ينسب مجهودك في العمل لك فقط..*
الحياة بشكل عام هي رحلة طويلة وشاقة وتتطلب المزيد والمزيد من الصبر والتأقلم. تذكر دائمًا أن الهدف من العمل هو تحقيق الاستقرار المادي والنفسي، ولا تقتصر أهميتك في الحياة على مقدار العمل الذي تحققه بل البصمة التي تتركها في حياة الآخرين
لمزيد من الاستشارات النفسية ،يجب عليك زيارة مركز الاستشارات النفسية قطر