اضطراب المشاعر: لماذا نشعر بتقلبات عاطفية شديدة؟ 2025

اضطراب المشاعر

من الطبيعي أن نشعر بالحزن حين نخسر شيئًا نحبه، أو نفرح حين نحقق إنجازًا ننتظره. لكن، ماذا لو أصبحت هذه المشاعر تتبدل بشكل متكرر، بلا مقدمات واضحة، وبطريقة تؤثر على قراراتنا، علاقاتنا، وحتى نظرتنا لأنفسنا؟ هذا هو الحال مع من يعاني من اضطراب المشاعر، وهو حالة نفسية معقّدة لا تُلاحظ دائمًا من النظرة الأولى، لكنها تؤثر بعمق على نمط الحياة اليومية.

ولأن المشاعر تمثل البوصلة التي تقودنا نحو التفاعل مع أنفسنا والآخرين، فإن أي اختلال فيها يمكن أن يترك آثارًا واضحة على الصحة النفسية والعلاقات الاجتماعية وحتى الإنجاز العملي. ولهذا السبب، من الضروري أن نفهم ما هي تقلبات المزاج الحادة، ما هي أسباب اضطراب المشاعر، وكيف يمكن التعافي أو التعايش معها من خلال كيفية التحكم في اضطرابات المشاعر.

في هذا المقال، سنأخذك في رحلة تحليلية معمقة حول هذا الموضوع، مع التركيز على الأعراض، الأسباب، العوامل النفسية والبيولوجية، وكذلك الاستراتيجيات العلاجية التي أثبتت فعاليتها.


Table of Contents

ما هو اضطراب المشاعر؟ فهم الحالة من الداخل

ببساطة، اضطراب المشاعر هو حالة نفسية تتسم بعدم التوازن أو الانضباط في الاستجابات العاطفية، ما يؤدي إلى تقلبات مفرطة أو غير مناسبة في المزاج، تستمر لفترات وتؤثر سلبًا على الأداء الاجتماعي والوظيفي للفرد.

اضطراب المشاعر
اضطراب المشاعر

في كثير من الأحيان، يختلط هذا الاضطراب بغيره من المشكلات النفسية مثل الاكتئاب، اضطراب القلق، أو حتى اضطراب الشخصية الحدية. ولكن ما يميز اضطراب المشاعر تحديدًا هو أن الشخص لا يستطيع السيطرة على ردود فعله العاطفية حتى عندما يكون مدركًا أنها غير منطقية أو مبالغ فيها.


أعراض اضطراب المشاعر: إشارات لا يمكن تجاهلها

هناك مجموعة من العلامات التي تشير إلى وجود اضطراب في المشاعر، وأبرز أعراض اضطراب المشاعر التي يجب مراقبتها تشمل:

  • تقلبات مزاجية حادة ومفاجئة من الحزن إلى الفرح أو من الهدوء إلى الغضب.
  • ردود فعل عاطفية غير متناسبة مع المواقف الحياتية البسيطة.
  • صعوبة في تهدئة النفس بعد التعرض لموقف مزعج.
  • حساسية مفرطة تجاه النقد أو الرفض.
  • نوبات من الانعزال الاجتماعي أو الرغبة في الانسحاب.
  • إحساس مستمر بالفراغ أو عدم الاستقرار الداخلي.
  • صراعات متكررة في العلاقات بسبب المبالغة في التفسير أو الانفعال.

وتجدر الإشارة إلى أن هذه الأعراض تختلف في حدتها من شخص إلى آخر، لكنها جميعًا تشترك في كونها تؤثر بوضوح على التفاعل الاجتماعي والنفسي للفرد.


أسباب اضطراب المشاعر: لماذا يحدث هذا الاختلال؟

عندما نتحدث عن أسباب اضطراب المشاعر، فإننا لا نتحدث عن سبب واحد مباشر، بل عن مجموعة من العوامل النفسية، العصبية، والاجتماعية التي تتداخل وتؤثر سويًا. ومن بين أبرز الأسباب:

  1. الاختلالات الكيميائية في الدماغ، خاصة في النواقل العصبية مثل السيروتونين والدوبامين، وهي مسؤولة عن تنظيم المزاج.
  2. العوامل الوراثية، حيث أظهرت بعض الدراسات أن اضطرابات المزاج قد تكون شائعة في بعض العائلات.
  3. التجارب الصادمة في الطفولة أو الحياة المبكرة، مثل الإهمال العاطفي، الاعتداء، أو فقدان أحد الوالدين.
  4. الضغوط المستمرة في الحياة اليومية، كالعلاقات المضطربة، الفشل الدراسي أو المهني، أو المشكلات المالية.
  5. البيئة الاجتماعية غير الداعمة، والتي تفتقر إلى التفاهم والتعاطف.

ومع تداخل هذه العوامل، تصبح الاستجابات العاطفية أكثر حدة وتقلبًا، ما يؤدي إلى ما يُعرف بـ تقلبات المزاج الحادة.


كيف يؤثر اضطراب المشاعر على القدرة على التحكم في الانفعالات؟

إن التأثير الأكثر وضوحًا لـ اضطراب المشاعر يظهر في القدرة على التحكم في الانفعالات. فالشخص المصاب قد:

  • يجد صعوبة في كبح مشاعر الغضب أو الإحباط.
  • يشعر أنه غير قادر على التوقف عن البكاء أو القلق المفرط.
  • يتصرف أحيانًا باندفاع يندم عليه لاحقًا (مثل قرارات حادة في لحظات غضب).
  • يواجه مشكلات في العمل أو العلاقات بسبب ردود فعل مبالغ فيها.

بالتالي، يُصبح اضطراب المشاعر بمثابة حاجز يمنع الشخص من التصرف بعقلانية أو من الحفاظ على علاقات مستقرة.


كيفية التحكم في اضطرابات المشاعر: استراتيجيات فعالة

رغم تعقيد الحالة، هناك العديد من الأساليب التي يمكن اعتمادها في كيفية التحكم في اضطرابات المشاعر، ومنها:

1. العلاج السلوكي المعرفي (CBT):

يركّز على تعديل الأفكار السلبية التي تقود إلى مشاعر غير مستقرة، واستبدالها بأفكار واقعية ومتزنة.

2. العلاج الجدلي السلوكي (DBT):

ويُعد من أنجح الأساليب لعلاج تقلبات المزاج الحادة، من خلال تمارين تعزز الوعي الذاتي، والتسامح مع الضغوط، وتنظيم المشاعر.

3. الأدوية النفسية:

في بعض الحالات، يصف الأطباء أدوية مضادة للاكتئاب أو مثبتات المزاج لتقليل التقلبات العاطفية.

4. تمارين التنفس والاسترخاء:

يساعد التدريب المنتظم على التنفس العميق وتمارين التأمل الذهني (Mindfulness) في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل التوتر الداخلي.

5. الدعم الاجتماعي والأسري:

يُعد التحدث مع أشخاص موثوقين أو الانضمام إلى مجموعات دعم من أهم عوامل التعافي.


التدخل المبكر: هل يمكن أن يصنع فرقًا حقيقيًا؟

نعم، وبكل تأكيد. إن التدخل المبكر في حالات اضطراب المشاعر يُعتبر من أهم عناصر النجاح في التحكم في الأعراض. حيث أن التشخيص المبكر والتوجيه المهني المناسب يؤديان إلى:

  • تقليل احتمالية تطور الحالة إلى اضطرابات مزاجية أكثر تعقيدًا.
  • تحسين مهارات التفاعل مع الآخرين في سن مبكرة.
  • تعليم الشخص آليات التأقلم السليم مع التوتر والإجهاد.
  • زيادة فرص النجاح في الدراسة، العلاقات، والعمل.

وبالتالي، فإن التوعية المجتمعية والحديث عن المشاعر بشكل صريح دون وصم أو خجل يفتح الباب أمام الكثيرين للبحث عن المساعدة في الوقت المناسب.


الأسئلة الشائعة: إجابات دقيقة وواضحة

اضطراب المشاعر
اضطراب المشاعر

1. ما هو اضطراب المشاعر وكيف يتم تمييزه عن الاضطرابات الأخرى؟

هو اضطراب يتميز بتقلبات مزاجية شديدة، وصعوبة في تنظيم العواطف، ويُميز عن غيره من الاضطرابات بكون ردود الفعل العاطفية مفرطة ومتكررة دون سبب منطقي مباشر.


2. ما هي أبرز أعراض اضطراب المشاعر التي يجب مراقبتها؟

التغير السريع في المزاج، الانفعالات الشديدة، الحساسية الزائدة تجاه النقد، الشعور بالفراغ الداخلي، وصعوبة السيطرة على ردود الفعل العاطفية.


3. كيف يؤثر اضطراب المشاعر على القدرة على التحكم في الانفعالات؟

يجعل المصاب يتفاعل بطريقة مفرطة مع المواقف اليومية، ويفقد السيطرة على الغضب أو الحزن أو القلق بسهولة، ما يؤدي إلى مشكلات في العمل والعلاقات.


4. ما هي الخيارات العلاجية المتاحة لعلاج اضطراب المشاعر؟

العلاج السلوكي المعرفي، العلاج الجدلي، الأدوية النفسية، تمارين التأمل، والدعم النفسي من الأسرة والمجتمع.


5. كيف يمكن للتدخل المبكر أن يحسن من إدارة اضطراب المشاعر في الحياة اليومية؟

يقلل من تطور الأعراض، يعزز مهارات التأقلم، ويحسن جودة الحياة بشكل عام من خلال التوجيه النفسي والدعم المناسب.


إن التعامل مع اضطراب المشاعر لا يعني قمع المشاعر أو الهروب منها، بل يعني فهمها وإدارتها بطريقة صحية. فالعاطفة جزء لا يتجزأ من طبيعتنا البشرية، لكنها تحتاج إلى توازن حتى لا تتحول إلى مصدر للمعاناة.

إذا كنت تشعر أن مشاعرك تخرج عن السيطرة أحيانًا، فتذكّر أن المساعدة متاحة، وأن الاستقرار النفسي ممكن مع الوعي، والدعم، والعلاج المناسب.
ابدأ الآن… لأن الاعتراف بالمشكلة هو أول طريق الحل.

لمزيد من الخدمات اضغط هنا

للحجز والاستفسار اضغط هنا

Leave a comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *