
يُعد اضطراب الحدية الشخصية أحد الاضطرابات النفسية التي تؤثر على طريقة تفكير الشخص وشعوره وتصرفاته، مما ينعكس بشكل كبير على العلاقات الشخصية، والمزاج، والسلوك اليومي. ويتميز هذا الاضطراب بعدم الاستقرار العاطفي، وصعوبة التحكم في المشاعر، والخوف الشديد من الهجر، ما يجعل التفاعل الاجتماعي مع الآخرين تحديًا كبيرًا.
على الرغم من التحديات التي تواجه الأشخاص المصابين، فإن التشخيص المبكر والعلاج المناسب يمكن أن يساعد في إدارة الأعراض بشكل فعّال، وتحسين جودة الحياة. في هذا المقال، سنستعرض تعريف اضطراب الشخصية الحدية، وأبرز الأعراض المصاحبة له، وأسبابه المحتملة، بالإضافة إلى طرق التشخيص والعلاج المتاحة.
ما هو اضطراب الحدية الشخصية؟
يُعرف اضطراب الحدية الشخصية بأنه اضطراب نفسي يتميز بعدم استقرار المشاعر، وتقلّبات حادة في العلاقات، وسلوكيات اندفاعية قد تؤثر سلبًا على حياة الشخص اليومية. يعاني المصابون بهذا الاضطراب من تقلبات حادة في مزاجهم وسلوكياتهم، ما يجعلهم عرضة للاندفاعية الشديدة والانفعالات العاطفية غير المتوقعة.

على الرغم من أن بعض الأشخاص قد يمرون بتقلبات عاطفية في حياتهم اليومية، إلا أن هذه التقلبات تكون أكثر حدة واستمرارية لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الحدية الشخصية، مما يؤثر على استقرارهم النفسي وسلوكهم الاجتماعي.
الأسباب المحتملة لاضطراب الحدية الشخصية
لا يوجد سبب واحد واضح للإصابة بهذا الاضطراب، ولكن هناك عدة عوامل قد تزيد من احتمالية حدوثه، ومن أهمها:
- العوامل الوراثية: أظهرت بعض الدراسات أن الأشخاص الذين لديهم أقارب يعانون من اضطراب الحدية الشخصية قد يكونون أكثر عرضة للإصابة به، ما يشير إلى وجود دور للعوامل الجينية في تطور هذا الاضطراب.
- العوامل البيئية: يشير الباحثون إلى أن التعرض لمواقف صادمة أو اضطرابات في الطفولة، مثل الاعتداء الجسدي أو العاطفي، قد يزيد من احتمالية ظهور هذا الاضطراب لاحقًا.
- الخلل في كيمياء الدماغ: تشير بعض الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب قد يكون لديهم اضطرابات في مستويات بعض النواقل العصبية، مثل السيروتونين، مما يؤثر على التحكم في المشاعر والانفعالات.
- الاضطرابات النفسية الأخرى: يمكن أن يكون هذا الاضطراب مرتبطًا باضطرابات أخرى مثل الاكتئاب، واضطرابات القلق، واضطراب ما بعد الصدمة.
أبرز الأعراض المرتبطة باضطراب الحدية الشخصية
تتنوع أعراض الشخصية الحدية من شخص لآخر، لكنها غالبًا ما تشمل:
- الخوف الشديد من الهجر: يتجنب المصابون بهذا الاضطراب أي موقف قد يؤدي إلى تركهم أو فقدان شخص عزيز عليهم، حتى لو كان ذلك غير مبرر.
- عدم استقرار العلاقات: يميل الأشخاص المصابون بهذا الاضطراب إلى الدخول في علاقات عاطفية مكثفة ومضطربة تتراوح بين المثالية المطلقة وخيبة الأمل الشديدة.
- اضطراب الهوية: يشعر المصابون بتغيرات دائمة في هويتهم، وغالبًا ما يفتقرون إلى رؤية واضحة لأنفسهم وأهدافهم.
- السلوكيات الاندفاعية: مثل الإسراف في الإنفاق، والإدمان على المخدرات، والقيادة المتهورة، وتناول الطعام بشراهة، أو الدخول في علاقات غير مستقرة.
- إيذاء النفس أو التفكير في الانتحار: يعد هذا أحد الأعراض الخطيرة، حيث يعاني بعض المصابين من أفكار انتحارية متكررة أو محاولات لإيذاء أنفسهم.
- تقلبات المزاج الحادة: قد يشعر الشخص بالسعادة المفرطة ثم فجأة بالحزن العميق دون سبب واضح.
- الغضب الشديد: يعاني المصابون من نوبات غضب غير متوقعة قد تكون موجهة نحو الآخرين أو نحو أنفسهم.
- الشعور بالفراغ الدائم: غالبًا ما يعاني المصابون من إحساس داخلي بالفراغ وعدم وجود هدف واضح في حياتهم.
طرق تشخيص اضطراب الشخصية الحدية
يتطلب تشخيص هذا الاضطراب تقييمًا دقيقًا من قبل متخصص في الصحة النفسية. وعادةً ما يشمل التشخيص:
- المقابلة السريرية: حيث يقوم الطبيب بإجراء مقابلة مع المريض لتقييم الأعراض والتاريخ الطبي والنفسي.
- الاختبارات النفسية: قد يستخدم المتخصصون بعض الاختبارات النفسية لقياس أنماط التفكير والسلوك العاطفي.
- معايير الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5): يتم التشخيص بناءً على معايير محددة تشمل وجود عدة أعراض رئيسية تؤثر على الحياة اليومية للمريض.
الخيارات العلاجية المتاحة
على الرغم من أن اضطراب الحدية الشخصية قد يكون معقدًا، إلا أن هناك العديد من الطرق الفعالة لإدارته وتحسين جودة حياة المصابين به، ومنها:
1. العلاج النفسي
يعتبر العلاج النفسي الخيار الأساسي لعلاج هذا الاضطراب، ومن أهم أساليبه:
- العلاج السلوكي الجدلي (DBT): يساعد المصابين على تعلم مهارات جديدة لإدارة المشاعر والانفعالات، وتحسين العلاقات الاجتماعية.
- العلاج المعرفي السلوكي (CBT): يركز على تعديل الأفكار السلبية والسلوكيات الاندفاعية التي تؤثر على حياة المريض.
2. العلاج الدوائي
على الرغم من عدم وجود دواء محدد لعلاج هذا الاضطراب، إلا أن بعض الأدوية يمكن أن تساعد في إدارة الأعراض المصاحبة له مثل:
- مضادات الاكتئاب لتحسين المزاج.
- مثبتات المزاج للحد من التقلبات العاطفية الحادة.
- مضادات الذهان لعلاج الأعراض الذهانية أو السلوكيات العنيفة.
3. الدعم الاجتماعي والعائلي
تلعب العائلة والأصدقاء دورًا مهمًا في دعم الأشخاص الذين يعانون من هذا الاضطراب، حيث يمكنهم تقديم بيئة آمنة للمصابين ومساعدتهم في التغلب على الأعراض.
الإجابة عن الأسئلة الشائعة

1. ما هي السمات المميزة لاضطراب الشخصية الحدية؟
السمات الأساسية تشمل تقلبات حادة في المشاعر، صعوبة الحفاظ على علاقات مستقرة، الاندفاعية، الخوف الشديد من الهجر، والشعور المستمر بالفراغ.
2. كيف يؤثر هذا الاضطراب على العلاقات الاجتماعية والسلوكية؟
يؤثر اضطراب الحدية الشخصية بشكل كبير على العلاقات، حيث يعاني المصابون من تقلبات في مشاعرهم تجاه الآخرين، ما يجعل علاقاتهم غير مستقرة وصعبة الإدارة.
3. ما هي الخيارات العلاجية المتوفرة لاضطراب الشخصية الحدية؟
تشمل العلاجات الفعالة العلاج السلوكي الجدلي، العلاج المعرفي السلوكي، وبعض الأدوية التي تساعد في السيطرة على الأعراض.
4. كيف يتم تقييم شدة اضطراب الشخصية الحدية من قبل المتخصصين؟
يتم التقييم من خلال المقابلات السريرية، الاختبارات النفسية، ومعايير طرق تشخيص اضطراب الشخصية المدرجة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5).
5. ما هي النصائح العملية لإدارة أعراض اضطراب الشخصية الحدية في الحياة اليومية؟
- ممارسة التأمل وتقنيات التنفس العميق.
- تجنب السلوكيات الاندفاعية عن طريق وضع خطط مسبقة.
- طلب الدعم من الأصدقاء والعائلة عند الحاجة.
- الالتزام بالعلاج النفسي والدوائي تحت إشراف طبيب مختص.
يُعد اضطراب الحدية الشخصية من الاضطرابات التي تحتاج إلى وعي وتفهم، ولكن مع العلاج المناسب والدعم النفسي، يمكن للأشخاص المصابين تحسين نوعية حياتهم والتكيف بشكل أفضل مع تحدياتهم اليومية. إذا كنت أو أحد المقربين يعاني من هذا الاضطراب، فلا تتردد في طلب المساعدة من متخصصي الصحة النفسية للحصول على الدعم المناسب.